منذ البارحة، تتعرض مدينة طبرقة المشرقة، بسحر غاباتها وبحرها ونسيمها العليل، للاندلاع النيران التي تتراوح مداها في جنح الليل والنهار. آلاف الضحايا يعانون اليوم في مستشفياتها، والكثير من الأهالي أصبحوا بلا مأوى، مهجرين وحائرين، دون أن نستطيع حتى أن نحادثكم عن الأموات الذين لاقوا مصرعهم جراء هذه الكارثة. هل يمكن لأحدٍ اليوم أن ينكر، مع ارتفاع درجات الحرارة القياسي والتغير المناخي المُتسارع، أننا على وشك أن نعاني من تداعيات لا رجعة فيها؟ هل يمكن أن نستمر في تجاهل حقيقة أن العالم من حولنا يتغير بشكل مرعب وأنه قد يُسفر عن فقدان الكثير من أحبابنا وأصدقائنا الأعزاء؟
بالتأكيد، الوقت قد حان لندرك مسؤوليتنا تجاه البيئة والطبيعة. لا يمكننا أن ننتظر أن يتدخل الآخرون بدلنا أو يتحملوا تبعات أفعالنا. لنكن صادقين مع أنفسنا، هذا الكارثة المحزنة في طبرقة هي فرصة عظيمة لتذكيرنا جميعًا، ليس فقط التونسيين بل والعالم أجمع، بالخطر الحقيقي الذي يهددنا من جراء التغير المناخي الذي لا يمكن التهاون معه.
قبل فترة قصيرة، كنا نفتخر بمناخ تونس المعتدل وبطبيعتها الساحرة التي كانت محط جذب للسياح والمواطنين على حدٍ سواء. لكن هل أصبحنا ما زلنا نستحق ذلك الفخر؟ هل نمضي نحو مستقبل مستدام ومزدهر، أم أننا أغفلنا التحذيرات والإشارات الواضحة لتدهور بيئتنا وتغير المناخ؟ لنكن صريحين، مستقبلنا بات في خطر والوقت ليس في صالحنا.
اليوم، بينما نحتفل بعيد الجمهورية الذي يحمل في طياته ذكرى مجد وبطولات وطن، يتألم إخوتنا في طبرقة ويرتعش قلبنا لمشاهدة مأساتهم وألمهم. هذا هو وقت الوقوف معًا كشعب واحد، بعيدًا عن الانقسامات والمصالح الشخصية، لمساعدة أهلنا في طبرقة وإنقاذ مدينتنا الجميلة والبيئة المحيطة بنا.
لنتحرك جميعًا لمواجهة التغير المناخي، لنأخذ الخطوات الضرورية للحفاظ على بيئتنا ومستقبلنا. لنقف يدًا واحدة في تطبيق سياسات بيئية شاملة وفعالة تحمي أرضنا ومواردها الطبيعية. لنعمل بجد للتوعية والتثقيف حتى يصبح الوعي بأهمية الحفاظ على الطبيعة جزءًا من وجدان كل فرد.
إننا بحاجة إلى خطوات عاجلة وحاسمة. دعونا نتحرك بسرعة لمنع تكرار كوارث مثل طبرقة، والعمل بتلاحم وتكاتف لمواجهة تحديات المستقبل. لا تنتظروا أن تحدث تغييرات سحرية، بل ابدأوا التغيير من أنفسكم، انضموا إلى جهود العالم لمكافحة التغير المناخي وإنقاذ كوكبنا.
أنقذوا طبرقة... أنقذوا تونس... أ