خلال زيارتنا لجايتكس غلوبال 2024، برزت التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي بشكل لافت، لاسيما في ميدان اكتشاف الأدوية. ويبدو أن العالم على مشارف ثورة غير مسبوقة في مجال الطب، قد تكون الأكثر أهمية منذ اكتشاف الأدوية الحديثة. ضمن هذه التطورات السريعة، عُقدت جلسة ملهمة بعنوان "القفزة التالية في الطب: هل نحن على حافة تطور جذري؟"، حيث ناقش الخبراء ما إذا كان التحول المدفوع بالذكاء الاصطناعي قريباً أم لا يزال بعيداً عن التحقق.
تحدث الدكتور شمير خضر، الرئيس العالمي والمدير التنفيذي لمجموعة علم الأحياء الحاسوبي والطب الدقيق في شركة الأدوية العالمية "سانوفي"، معبّراً عن تأييده الكبير لدور الذكاء الاصطناعي في هذا المجال. وقال: "اكتشاف الأدوية حالياً يستغرق في المتوسط 10 إلى 15 عاماً، وتبلغ تكلفة المشروع الواحد حوالي 1.5 إلى 2 مليار دولار. هل هذا النموذج مستدام؟ بالطبع لا، فلا بد من تغييره. علينا أن نستفيد من قدرات الذكاء الاصطناعي في جميع مراحل العملية لتقليل تكاليف التطوير وتبسيط عملية اكتشاف الأدوية، فضلاً عن بناء نماذج بيانات وبنية تحتية قادرة على التعامل مع مختلف الأمراض".
ومن أبرز ما عُرض خلال المؤتمر كان مشروع "BabyX"، وهو نموذج افتراضي تفاعلي لطفل رضيع تم تطويره باستخدام الذكاء الاصطناعي. يتميز هذا الطفل الافتراضي بدماغ صناعي يحاكي الدماغ البشري بدقة بالغة، حيث يتعلم ويتفاعل مع محيطه مثل الطفل البشري الحقيقي. يعزز الذكاء الاصطناعي البيولوجي ونظام تشغيل يُدعى "Brain Language" التفاعلات الكيميائية العصبية لدى BabyX، مما يتيح له القدرة على تحديد ردود أفعاله بشكل يحاكي البشر، وهي ميزة قد تغيّر مستقبل الذكاء الاصطناعي بشكل جذري.
وفي شرحه لأهمية مشروع BabyX، أوضح الدكتور مارك ساجار، مبتكر هذا النموذج والمؤسس المشارك لشركة "Soul Machines" النيوزيلندية، أن هناك فرقاً حاسماً بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي. وقال: "نحن، كبشر، نتعلم منذ نعومة أظافرنا من خلال استكشاف العالم والتجريب. اللعب جزء أساسي من تطور الذكاء البشري وابتكاره، وهو عنصر مفقود في تقنيات الذكاء الاصطناعي الحالية. لذا، نحن بحاجة إلى تطوير بنية معرفية للذكاء الاصطناعي تُحاكي هذا النهج الشمولي، مما يسمح له بتطوير سلوكيات ذكية وابتكارية على غرار العقل البشري".
هكذا أصبح واضحاً أن الذكاء الاصطناعي سيغير شكل الطب الحديث في المستقبل القريب، فاتحاً آفاقاً جديدة للتقدم العلمي والطبي.